إذا ريحُ الصَّبا هبَّت أصيلا
شفت بهبوبها قلباََ عَليلا
و جاءَتني تُخبِّر أن قومي
بِمن أهواه قد جدُّوا الرحيلا
و ما حنُّوا على من خلَّفوه
بوادي الرَّمل منطرِحاً جديلا
يحِنُّ صبابةً و يهيمُ وجداً
إليهم كلما ساقوا الحُمولا
ألا يا عبل إن خانوا عهُودي
و كان أبوكِ لا يَرعَى الجميلا
حملتُ الضَّيم و الهِجران جُهدي
على رَغمي و خالفت العَذولا
عركتُ نوائبَ الأيامِ حتى
رأيتُ كَثيرها عِندي قليلا
و عاداني غُرابُ البَين حتى
كأَني قد قتلتُ له قَتيلا
و قد غَنَّى على الأغصان طَيرٌ
بصوتِ حَنينه يشفي الغَليلا
بكى فأعرتُهُ أجفان عيني
و نَاحَ فزاد إعوالِي عَويلا
فقلتُ له جرَحتَ صميم قلبي
و أبدى نَوحُكَ الدَّاءَ الدخيلا
و ما أبقيتَ في جَفني دُموعاً
و لا جِسماً أعِيشُ به نحيلا
و لا أبقى لي الهجرانُ صبراً
لكي ألقى المنازِلَ و الطُّلولا
ألِفتُ السُّقمَ حتى صار جِسمي
إذا فقد الضَّنى أمسَى عليلا
و لو أني كَشَفتُ الدِّرع عنِّي
رأيت وراءه رسماً مُحيلا
و في الرسمِ المُحيلِ حُسامُ نفسٍ
يفللُ حدُّهُ السيفَ الصقيلا